مقالات و تقارير

مصر بين حملات التشويه ورفض التهجير

تعرضت مصر خلال الأيام الماضية لحملات تشويه لدورها في القضية الفلسطينية، وكانت في مجملها تُحمّلها مسؤولية عدم وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. واللافت للانتباه أن هذه الحملات لم تكن من جانب عناصر جماعة الإخوان الإرهابية الهاربة في الخارج والتيارات المتعاطفة معها فقط، ولكنها من جانب إسرائيل أيضًا.

فمن ناحية، عمل الموالون للجماعة الإرهابية في أوروبا على استغلال مجتمعات المهاجرين العرب والمسلمين لتنظيم وقفات احتجاجية أمام السفارات المصرية في الخارج، ورفع شعارات من قبيل أن “مصر تخنق غزة” وتنفذ “مخطط تجويع وتعطيش” ضد الفلسطينيين، وأن مصر “تغلق معبر رفح”، وربما آخرها التظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب من جانب عناصر موالية للإخوان وانضم لهم عدد من الإسرائيليين، فضلًا عن تصريحات القيادي في حركة حماس خليل الحية وغيرها التي تطالب مصر بإدخال المساعدات دون تنسيق مع إسرائيل. وبطبيعة الحال، لم تندد هذه التظاهرات من قريب أو بعيد بسياسات إسرائيل التي منعت، منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، دخول المساعدات الإنسانية من جانب مصر.

من ناحية ثانية، أخذت أصوات عدة في إسرائيل تردد نفس هذه الشعارات الإخوانية، سواء من خلال حسابات على منصات التواصل الاجتماعي أو عن طريق عدة تلميحات وتصريحات أثناء جلسات الكنيست الإسرائيلي، والتي تحدثت عن أن “المساعدات التي تدخل من جانب مصر ينتهي بها المطاف في يد حماس”، وأن مصر “تدعم حماس” وعدوانها على إسرائيل، وأنها “لم تعد وسيطًا نزيهًا” بين الفلسطينيين وإسرائيل.

ورغم أن الواقع كفيل بكشف زيف ما تدعيه هذه الحملات، إلا أنه من المهم هنا توضيح عدد من الحقائق، وأولها أن مصر ليست الطرف الوحيد المتحكم في دخول المساعدات لقطاع غزة عبر معبر رفح، فبموجب اتفاق 2005 الذي ينظم حركة العبور في معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم، تُعد مصر أحد الأطراف التي تنظم حركة العبور في رفح، بينما هناك أطراف أخرى هي السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية والاتحاد الأوروبي. والسير وراء الشعارات التي تطالب مصر بإدخال المساعدات دون تنسيق مع الأطراف الأخرى هو دعوة صريحة لحرب لا تسع لها وتعرض حياة من ينقلون تلك المساعدات للخطر، ناهيك عن إتلاف المساعدات ذاتها والتسبب في انفلات أمني على الحدود.

وثانيها، أن مصر تتصل جغرافيًّا بقطاع غزة من خلال معبري رفح وكرم أبو سالم على نحو يجعلها منطقة عبور رئيسية لأي دولة أو هيئة أممية أو منظمة دولية ترغب في إدخال مساعدات لسكان غزة، ولكن توزيع المساعدات الإنسانية داخل القطاع هي مسألة تخص فرق التوزيع المعنية التي تعمل داخل القطاع، وهي المسؤولة عما إذا كانت المساعدات تذهب لمستحقيها أم لا.

 

تم نسخ الرابط بنجاح!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى